الأحد، 7 ديسمبر 2014

مثلي أنا.

انا الآن في قمّة القاع. في الركن البعيد من الدائرة. الدائرة التي لطالما كنت أحتجُز فيها نفسي. الدائرة التي كنت أبحث عن بدايتها طوال حياتي. و لطالما كُنت منخدعاً. انا كنت أبدأ من نقطة ما. أقطعُ نصف الطريق. أخاف. أكتئب. أسقُط. أقفُ مجدداً. و أحاول. انا كُنت أبذل كل ما في وسعي لأن أواصل. و الأمر لم يكن ممتعاً أبداً. فإذا ما وصلت. أدركت أنّي في نقطة البداية مجدداً. أخبرتكم! أنا لم أكن اعلم ان الحياة دائرية. لم أعلم ان الحياة بتلك الرداءة. و التفاهة. و السفالة. لم أكن اعلم ان نهاية كل شيء ستكون الكآبة، و العزلة. و الجلوس طويلاً في جوف الليل تفكّر.. تفكّر في لا اللاشيء. لم تكن فعلاً تُفكّر. كان عقلُك فارغاً. سوى من بعض كؤوس بدأت بها الليل. هكذا كان كل شيء. يبدأُ جميلاً مُشعّاً، و يفقد بريقه تدريجياً. ربما انا كُنت اكبر منّي. أو كان جسدي أصغر من عقلي. بمئة عام. أو اكثر. روحٌ سئمت من الحياة مبكراً. تعبت مبكّراً جداً. و شاخت.
لم تكن تلك الأشياء تؤثّر في حياتي كثيراً. في السابق و الحاضر. و أعني بالسابق كل زمانٍ قبل كتابتي لنصّي هذا. فما بعده شيء. و ما قبله شيء. شيءٌ آخر. سيكون جيّداً جداً. على الأقل لهذا الشيء الضعيف اللذي لطالما كان ينتهي من حيث يبدأ. هذه المرّة سأبدأ من حيثُ كُنت أنتهي كل مرّة. من الدرك الأسفل لسطح الأرض. المقابر التي فوق المقابر. المكان المليء بالأحياء الميتين. أو الميتين الذين يتظاهرون بالحياة. لا أدري، أو بالأحرى لا أهتم. لن أهتم أبداً بشيء كان يجب عليّ التعايش معه. كان عليّ ان أتجاهل كل شيء، ان اتجاهلهم، و أتجاهل نفسي، تساؤلاتي، و أخطائي.. أن تعيش متجاهلاً كل شيء. بدون شيء. ميّت. يضحك و يمرح. و لكنه ميت. و لا شيء مهما كان، لم يكن سيحرّك فيه شعره. و لا أقلّ من ذلك و لا أكثر. قلبي الذي تَحجّر. و مشاعري التي أصبحت غير قابلة للإستخدام. وجهي المجعّد جراء السهر و التدخين. و عيناي المترهّلة.. كتضاريس امرأة أنجبت للتو. انا مجموعة أشياء خاطئة. مجتمعة في مكان لا يجب ان تكون فيه. حتماً و فعلاً ستنتج شيئاً خاطئاً. كبيراً جداً. و لن تستطيع النفس البشرية الضعيفة هذه ردّه. صدّه. أو حتى ايقافه بطريقة جُزئية. كُنت كوحش. وحش وديع جداً. وحش نسيَ سرّ قوته. وحشٌ نسيَ كيف يغضب. وحشٌ اعتاد على التظاهر بأن كل شيء بخير. لم يكن ينفجر بين الحينة و الأخرى. لم يجمع أشلائه منذ فترة. هذه المرّة.. سينفجر! و بقوّة! ربما يدمّر من حوله. الجيدين منهم و السيئين. و ربما يُشعل فيهم شيء ما. يجعلهم جيّدين أو سيّئين بصورة ما. الخُلاصة أنه سيصنع فرق. في مكان ما. في أحد ما. فهذا ما كان يبحث عنه. أن يكون الفرق. أن يؤثّر على أحدهم بايجابيّته أو سلبيته. هذا ما كان ما يمثّل انعكاسه. هكذا كان يرى نفسه. هكذا كان يشعر بوجوده. عندما كان يؤثّر.. كان يشعر بقوته. و ضعفه. بحبه. و كرهه. و من دونه كان ينتهي. يموت. و يفنى. تشيخ روحه. و يصبح مثلي.. أنا.

هناك تعليقان (2):