السبت، 20 أغسطس 2016

الإهداء..


للتي رحلت.. التي كنت أظنها لن ترحل أبداً..
للكتف.. التي لم تتوقف عن مساندتي يوماً..
للنجم الذي لم يغب، و لم يحد عن الشمال أبداً.. 

للقصيدة التي لم تخالف الوزن من قبل.. و للحن الذي لم يكن يوماً ما نشازاً.

للكلمات العديدة.. الفريدة.. 
للمعاني المتعجرفة، و التي كان عليها أن تصل لدائرة إدراكنا الضيقة متأخرة دائماً. و في كل مرة.

للطريق الذي اتخذ من خطواتي نبيذاً، كلما مشيت فيه. تمايل.. تعرّج.. تخبّط.. و ازداد في تيهه أكثر..

للأزقّة. الحواري.. و لضحكات الأطفال صباح العيد..
للحدائق العامة.. للحبّ المجاني..
 و لكل زاوية خبّأنا فيها ذكرى جميلة لنا.

لكوب القهوة الذي لا زال رأسي غارقاً به منذ الصباح، و للأفكار العديدة التي نضجت مع حبّات البن.

لشروق الشمس.. و لكل البدايات التي لا زالت تبعث فينا أمل متابعة المسير في الطرقات الذي ما عادت تأبه بالوصول.

للبحر الذي لم يفض أبداً، أعني الجمال الذي لم يتشكّل يوماً على هيئة عذاب. و للهدوء الذي ما كان يوماً ما ضجيجاً..
للسفن التي لم تغرق بين صفعات الموج. و لم تبُح للبحر بسرّ المرافي.
للقادمين من المنافي البعيدة.. عائدين نحو الوطن.
و للمطارات التي كانت ببوابة “وصول” فقط! 

للغربان التي لم تأتِ بفال سيء أبداً.. و للحمام الذي لم يوصل رسائل العشّاق يوماً بالخطأ.
و لكل طيور العالم التي اجتمعت لتعزف لحن رحيلك.

لآلات الكمان، و للألحان التي عبرت أرواحنا كغيمة. ثمّ نالت شرف محاولة تبليل دواخلنا الجافّة هذه. 

للأغاني التي استقرت في الوجدان بذكريات حميمية. عن أماني.. تشاركناها معاً.
أنا و أشخاص لم يعودوا الآن في حياتي موجودين. رفاق.. سقطوا مع أمانيهم من الذاكرة منذ سنين..

لا زلت أكتب..

للشاعر الذي لم يستطع يوماً أن يصف شعوره،
و للكاتب الذي ظلّ طوال حياته يحوم حول الحقيقة. يراها ولا يستطيع الوصول اليها.

للقصيدة التي زالت عالقة في ذاكرتي كما لو أنني كتبتها بنفسي، و للشاعر الذي تحدّث نيابة عني و أخبرك.. كم سيكون الأمر مؤلماً في غيابك..

للمواعيد المؤجلة، للصدف العديدة، و للقائات التي آتت هكذا فقط. دون ترتيب مسبق.

للصادقين جداً.. الحميميّن جداً جداً.. اللطيفين دائماً و أبداً..
الرفاق الذين كلما ضاقت بك الأرض حدّ الإختناق.. وجدتهم. 

للحلم الذي كنّا نعلم جيداً أنه لن يتحقق.. و لأمانينا التي كبرنا و تركناها صغيرة..

للجميلة. السمراء التي أختصرت جمال الكون.. بابتسامة!
للملهمة.. سبب الكتابة.

و لي أنا.
.
كي أدحرج عقلي أمامي.. و أرى. 
ألى أين سيأخذني.. 

؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق