الأحد، 22 سبتمبر 2013

انا.


كنت طفلا صغيرا. لم أذق في الحياة سوى طعم اللبن من صدر امي. لم اعلم كم هي الحياة قاسية . كنت أتشوق لكي اكبُر. و الان اتوسل لكي أعود طفلا. ترعرعت في مجتمع إسلامي بحت. بين تشدد الاسلام هناك. وبين رؤيتي للحياة في الخارج. كنت متناقضا من الداخل. اعلم وبالرغم من صغر سني ان الحياة زائلة. لكني أردت ان استمتع بها. كنت أظن ان الحرام هو المتعة. و ان الحلال مجرد حرمان لكي نُختبَر. كنت متفوقا جدا في دراستي. لكن دون جدوى. فالعلامات هي مجرد تقدير لما في العقل من العلم المدّرس بغض النظر عن الإبداع. التحقت بالمرحلة المتوسطة. وحينها كانت احلامي لا تزال بريئة. جميلة. فاتنة و نقية أيضاً. كل ما احلم به هو ان احصل على دراجة جديدة. كدراجة جاري اللذي في نفس عمري. وان ازيّنها بطريقتي الخاصة. فحصلت عليها. و كنت سعيدا جداً. كبرت فكبرت احلامي. تطورت أمنياتي. نضج شغفي. توسع أفقي. زادت آمالي. لكن كل يوم اعيشه كانت تزيد فيه تعاستي.و فجأة ! تذكرت ايام الثانوية. صحبة السوء. المخدرات. بدايات الحب. إثبات الرجولة. توتر علاقتي مع المنزل. حبي للعزلة. حبيبتي ❤ نعم حينها كان لي عشيقة. كنت مغرماً. و كانت مرغمة. مرغمة على ان تحبني. كنت ساحر. ودود. مضحك. هادئ من الخارج و بداخلي ضجيج خفي. عقلي متفتح لكنّي دوما اتصنع الغباء. لأرى عقلية مجتمعي. كان متخلفاً. كنت سعيدا. نعم ! و لكن حظي كان تعيساً. انا و الحظ الجيد كخطين متوازيين لا يتقابلان ابداً. أحببت في زمن مكلّف. و حبيبتي مترفة. تعيش في عالم برجوازي. ملئٍ ب"مامي .. و بابي". و نملك هذا و ذاك. ممتلئة بالأفكار البلاستيكية. أحلامها عملاقة. و انا بسيط. ليس لي الا ربي. عائلتي متوسطة الدخل. لكنها مرتفعة الحب. ترى السعادة بعيون البساطة. و هل هناك أجمل هذا؟ لكني احبها. وهي تحبني. و كنا سعيدين. 
بدأت بمحاولة الوصول الى القمة. أردت ان اصبح طبيبا. فالتحقت بكليتها. حينها لم تكن لدي مشاكل تذكر. سوى بعض الضغوطات من مجتمعي و بلدي و حكومتي وأهلي واصدقائي. لكن لا شي يذكر! لطالما أحببت ان اكون وحيدا. منعزلاً. لان هذه الحياة قاسية جدا يا رجل. انها قاتلة. مدمرة. قد تحولك الى رماد و تتلاعب بك بنسمة هواء. قد تفقدك عقلك. وتجعلك تهذي بلا منطق. كنت اصرخ بأعلى صوت "ايها الحياة تعالي انتي. لن آتي انا". هذه هي بدايتي مع المخدرات. اول سجارة كانت الالذ و اخر سجارة ستكون الأعظم. و في يوم من الايام. وأنا في عزلتي. اتناجى و نفسي. قلت "الجحيم ذهبت للناس" فسالتني نفسي "اتذهب الجحيم الى الناس؟ أم يذهب الناس الى الجحيم؟". فأخبرتها ان "علاقتي مع كلاهما متوترة و شبه منعدمة. أعني علاقتي مع الجحيم و الناس!". تباً!! و أخيرا تخرجت و علّقت شهادتي على حائط مشقوق. في بيتي. مغطاة ببرواز جميل جداً. لم اكن اعلم انها مجرد ورقة بالية. لا قيمة لها.  و لو كنت اعلم لشققتها. حرقت أجزائها. دفنت الرماد المتبقي منها. و اجهشت باكياً. لكن امي فخورة بي. ربي احفظها. ؛) 

هناك تعليق واحد: