الجمعة، 27 سبتمبر 2013

ما يحدث حقاً في الطرقات.

تتجدد الأحلام. لا زال الأمل باقياً. سنعود افضل مما كنا. نحو سودان افضل. اجمل. اشرف. كل يوم يمر. تزداد فيه شمس الحرية إشراقاً. السلمية هي حل لم يعد قيد التنفيذ. أردناها سلمية فأرادوها دامية.
خرجت اليوم. لأحكي قصة معاناتي. لأقول رأيي بكل شفافية. لأتحدّث عن الحرية. لأُبيّن اني أعاني. لأُريهم كم هي حياتي قاسية. لأُعبّر عن غضبي. خرجت و كنت احسبها سلمية. كنت أؤمن  ان وطني يحترم الحريات. كنت اعتقد اننا نملك القليل من الديمقراطية. كم كنت ساذجا يا هذا!
خرجت و بداخلي صوت أريده ان يُسمع. بداخلي أفكار اريد ان تُفهم. بداخلي قصص تريد ان تُحكى. بداخلي معاناة تريد ان تنتهي. ما ان بدأنا بالتظاهر حتى ازداد عددنا. الكل كان غاضباً. الكل كان متعاوناً. أطفال و شباب و نساء و رجال و كهول و فتيات. الكل كان واقفاً. يهتف بكل قوة. اختلفت الالوان و الصوت كان واحداً. اختلفت الأجناس و الوطن واحد. اختلفت الثقافات و الهدف واحد. الكل يريد إسقاط النظام. كل وجه كان له تعابير مختلفة. كل تفاصيل الوجوه تحكي معاناةً من نوع آخر. لم نلبث طويلا حتى أحسست بأنا جسد واحد. تتمايل أطرافه يمنة و يسرة. تتماوج خلاياه كالبحر. كلنا واحد. و بين تعالي أصوات الهتافات. و الازدحام الشديد. و الضوضاء المحيطة. ترتفع معدلات النخوة. تلك النخوة التي وجدت في دمائنا كسودانيين. فجأة ! حصل ما كان متوقعاً من الكثيرين. ليس مني شخصياً. قوات الأمن تستخدم الذخيرة الحية لتفريق المواطنين. كان الوضع فوضوياً جدا. البعض هرع يجري. و الدماء تتطاير في السماء. ارتفع الغبار. اصبحت السماء داكنة. لم يعد بريق الشمس يكفي للرؤية. حينها اصبحت في وضع حرج. هل سأهرب؟ ام سأضل واقفاً؟ هل سأموت؟  هل سأعتقل؟ هل فعلت شيئا خاطئا؟ هل الحرية حراما؟ هل انا مخطئ؟ هل انا احمد؟ و بين تلك الصراعات الفكرية الداخلية. لم يعد جسمي يقبل الأوامر مني. اصبح جامدا. اامره بالحركة ولا يتحرك. قررت ان اهرب. لان لي ام تنتظرني. لان لي وطن يحتاجني. هربت. و رحت اجري و اجري بلا انقطاع. تتعالى أصوات أنفاسي. ولازلت افكر حتى الان. لماذا أطلقوا النار علينا؟ لماذا يريدون موتنا؟ أنحن خونة؟ ام هم؟ هل مات من كان بقربي قبل قليل؟
و بينما انا اركض لمحت بيت صديق قديم كان يدرس معي. فطرقت الباب بقوة. ففتح و رحّب بي. و بينما كنت احاول استعادة توازني. استلقيت على سرير. وإذا بتلفاز أمامي. كانت محطة السودان الإذاعية تعمل. كانت تبث الأغاني و الأفلام. أهذا يُعقل؟ الشعب يموت في الشوارع و هذا ما يُبث؟ دماء تسفك. أعراض تُنتهك. يتامى جُدد. أرامل جُدد. أموال تهدر. حكومة تُرفض. شعب يبكي. و مع كل هذا "أغاني؟". الا يجب عن تعبر الإذاعة عن ما يحصل في الشوارع؟ و حينها فقدت الأمل في السودان. و اجهشت بالبكاء. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق