تربى على يديها. تحبه اكثر من نفسها. تجوع ليشبع. تبرد ليدفأ. تعاني ليرتاح. تبكي ليضحك. هي أمه. تحبه كثيراً. لا مجال للشك في ذلك. علمته. و نصحته. و ضربته. كان طفلا جميلا. جاداً في دراسته. مبتهلا الى ربه. صديقه المسجد. لم يكن له أعداء قط. كان محبوباً جدا. أمله في الحياة ان يعيش بكرامة. ان يكفل أبواه. ان يتزوج من يحب. ان يرزق بأطفال يملؤون حياته سعادة. كان في كل يوم يخرج للتظاهر. ليعبر عن رأيه. ليطالب بحقوقه. كل يوم يخرج في الصباح الباكر. بعد ان يقبل يد أمه و يطلب عفوها. كانت هي تدعي له بالنصر و السداد. و ان يعود لها سالماً. و في يوم زُف خبره اليها. *مات شهيداً*. فأبتسمت. ولا اظن ابتسامتها كانت لفرح. ابتسمت لانها منصدمة. لم تدري ما تفعل! و فجأة صرخت بأعلى صوت "لااااااااا". و اجهشت بالبكاء. نعم مات ابنها. مات أملها. مات سعدها. أظلمت الدنيا في عيناها. أحست بفراق حبيبها. طفلها اللذي كانت تعلق عليه قناديل أحلامها. كأنه شجرة ميلادها. و بين تلك الضوضاء. همس في أُذن أمه قائلا "أماه لا تحزني". مات شهيدا والآن الملائكة تزفُّه الى قبره عريسا. مات شهيدا و ضمن لسبعين من أهله مكاناً في الجنة. مات شهيدا و الان هو مستلقٍ في قبرة و ينظر الى مكانه في الجنه. مات شهيدا و الان الملائكة تونس وحش قبره. مات شهيدا فافرحي. و ابتسمي. و اضربي الطبول. ولا تنوحي. و لا تلطمي. فهمست بدورها ايضاً. و كانت متأكدة انه يسمع صوتها فقالت و بلهجة عامّية. "اتاري الدنيا من بعدك .. هويّنة و شينة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق