خرج خالد من الحانة في منتصف الليل. متمايلا. كان قد افرط في الشرب
كعادته. خالد عبارة عن ستون الف خلية تتمايل يمنة و يسرة. ستون الف خلية. فاقدة
للوعي نسبيا. كان عبارة عن جثة هامدة. وجدت على اطراف الطريق كبقايا القمامة. جثة
تمشي. لا يدري اين هو. لا يعلم حتى من هو. هو فقط يمشي .. الى المنزل! بأي اتجاه
لا يدري. هو فقط يعلم انه في النهاية سيصل! كان خالد يرى الشمس حينها. و يشعر
بالبرد الشديد. و في خضم كل هذه الفوضى قرر الذهاب للنيل. كان النيل على بعد اقدام
منه. جلس. و بدأ يبكي. كان الجو شاعريا جدا. و في جيبه. كالعادة .. سبع سجائر و
ثلاث قبلات و قصيدة مشققة و حبيبة. بالأضافة الى فستان ازرق. فكل شئ يبدو اجمل
بالازرق. عموما .. كان سجائره تشربه .. وهو يأمل ان تُكمله بسرعة. اكمل سجائره
كلها .. شربها .. و القى بعلبتها في النيل .. ملقيا معها كل آماله في الوجود ..
تلك العلبة كانت كأحلامه .. جابت كل انحاء العالم .. وهو لا يزال محتجزا في ثمالته
! اصبحت العلبة تترنح ك خالد. على امواج النيل .. يجئ بها .. و يذهب! صادفت العشاق
و الكتاب و اللصوص و الجياع و اليتامى و
الاموات .. بعد منتصف الليل تطوف الفضائل و الرذائل العالم معا و تشعر بالملل
الشديد. فحينها لا يؤثر على الانسان سوى "الجوع و الموت و الجنس" ..
الآن .. انت تقرأ هذا و في نصف الكرة الارضية المقابل. ستون الف شخص يمارسون
الجنس! تبا .. كلها حقائق .. بعد فترة .. اشتاق خالد الى لعلبته .. و اخذ يجري
بمحاذاة النيل .. *صارخا* ايها النيل الى اين تذهب؟ اعدها الي .. ارجوك افعل .. و
بعد جري طويل اجهد ثمالة خالد .. سقط على جانب النيل. مغشيا عليه .. فتذكر محبوبته
.. تلك التي لم تعد تقرأ .. نعم هي .. حلم بأنه يداعب شعرها .. و يتلو القصائد
الارتجالية في حضرتها .. حلم بأنه دخل الى عقلها البرجوازي .. و علم بم تفكر ..
حلم بأنها تحبه .. و هي يحبها .. انجب منها .. عاشا سعيدين الى الابد .. فجأة! سمع
صوت طلقة. فأفاق من غشيته .. و اصبح يبكي .. امِل انه لم يستفق من حلمه ذاك ابدا
.. عاد الى الواقع و ليته لم يفعل .. كان واقعه سئ جدا .. فعاد الى الحانة ليشتري
بعض الجنون لعقله .. الحانة الممتلئة بالعاهرات الجميلات .. فسألته احداهن و قد
كان رث الملابس .. "انت خالد؟" .. فقال "اخشى!" .. فردت
"يالا انت مفلسع؟" .. فرد خالد .. "ماذا تعني مفلسع؟ عموما .. كم
تتقاضين لليلة؟" .. فردت "بُص .. سيبك من الفلوس و سيبلي نفسك
خااالص!" .. فضحك خالد و قال "ان لا امارس الجنس مع العاهرات" ..
فقالت "ليه؟" .. قال "انا لا لست عاهرة!" .. قالت "انت
تمارس الجنس مقابل المال؟" .. فقال خالد "لا .. انا اكتب" .. فردت
"مش فاهمة؟" .. فرد عليها "انا اكتب .. ولا اتقاضى المال .. لذا
لست عاهرة" .. فقالت "والله انت مفلسع بصحيح" !! .. فأبتسم خالد ..
ابتسم لأن منطقه لا علاقه له بالواقع .. و لكنه اقنع الفتاة .. لكن المشكلة انه لم
يقنع عشيقته التي تقرأ .. فعاد ليثمل و يبتعد عن الواقع مجددا ! كان واقعه قاسيا
جدا .. و لم يكن يجد له حلا سوى الخمر! تخيلوا ان كانت تقرا .. كانت ستحبه ..
كان سيعشقها .. سيدفع كل ما في يده ليسعدها .. حياته و ممااته في سبيلها .. لانها
احق الوجود بالحب ,, انها جميلة .. جدا ... و عدم تقدير الجمال في ذاته كفر! كان
يعشقها .. و ليتها عشقتك .. ارجوك .. يا من يكتب لك خالد .. اقرأي .. ارجوكي افعلي
!! *يجهش باكيا*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق