الثلاثاء، 7 أكتوبر 2014

أكتُبْ.

أكتُب.. و كأنّي أحمل حجراً بثُقل العالم على ظهري، و أحدهم يضع مسدساً فوق رأسي! يصرُخ..
يقول أكتب.. هيا اكتب!!
اكتب عن خيباتك، اكتب عن حبيبتك، اكتب عن كل الأشياء المشينة المتعلقة بك،
اكتب سخافاتك، حماقاتك، هطرقاتك..
اكتب شيئاً ما، يُبهرني.. يدهشني.. و يُحييني!
اخبرني عن مبادئك، تلك التي غلّفتها و وضعتها أسفل خزانتك، و لم تتمسّك بها يوماً.
اكتب.. عن السفينة و المدينة و المرجان.
و انا في تلك اللحظة بدأتُ أتصبب عرقاً، و آلاف الأفكار تدور في رأسي، و الرجُل يصرخ.. و أنا لا أدري.. هل أبكي؟ دموعُ التماسيح.. أم أرتجل؟ و اضعُ مسدّسه في مؤخرته.. هل أكتب؟.. أرقُص؟ أُغنّي؟ انهار؟ أين انا؟
الرجل بدأ يهدأ.. و أنا قلبي يكاد يشّق صدري، أزمة الأدرينالين.. و شعور مختلط بين الخوف و العظمة. أنا كنُت هناك.. أترنّح، و بيدي شرابٌ صنعه كافر، كنت أدعوا له بالمغفرة في كل صلواتي. ربّاهُ ساعدني.
الرجل كان يريد كتابة رسالة لحبيبته، الذي وجد نفسه بعد ستة أشهر ثملاً، يتصّل بهاتفها و هي لا تستجيب. الفتاة كانت تقف بين الكبرياء و الشوق.
و هو في الجهة الاخرى من السمّاعة يترنّح بين الكبرياء و الحنين،
صديقي غلبهُ الحنين، و الفتاةُ غلبها الكبرياء.
تباً!! لطالما كانت مشاكلنا متعلّقة بالأحاسيس المختلطة.
لكنّ الشيء الذي منع الفتاة من الرد، هو نفس الشيء الذي جعل الرجُل يتّصل، هو نفس الشيء الذي يمنح العالم فوضاه، نفس الشيء الذي يجعل للكون قوانين عشوائية و مرتبة بطريقة بديعة و غريبة جداً.
ذاك الشيء الغريب.. تلك الأشياء.. الفوضى، كل الفوضى التي من حولنا.. كلها بداخلنا، بدأناها نحن، ثم انتشرت. و أصبح التغيّر ثابتاً، في عالم لا تحكُمه المقاييس البشرية التافهة، و لا الخطابات الطويلة الفارغة، ولا الذين يتحدثون باسم الله في كل أزقّة المدينة، و المنابر، و الساحات.
نحنُ في عالم الأشياء الصغيرة.. وجه أمي، ضحكاتُ السمراء في يوم ميلادي، و أكواب القهوة.
الجميلاتُ في محطّة الباص، و حبيبتي التي كانت تفرح و تبتهج بأشياء بسيطة، أصدقاء السوء. أولئك الذين كنت التقي بهم في الهوامش، لنبدأ من النهاية.. نحن الذين كنّا نفعل كل شيء بطريقة مختلفة. 
لكننا ضعفاء، و أحلامنا تعرفنا جيّداً.. احلامنا التي ظلمناها بظننا أنها ستتحقّق فعلاً، أحلامنا الكبيرة، تلك التي نشأت في عقولنا و نحن صغار، كانت أكبر منّا.. هي من كوّنتنا، و صنعت شخصيّاتنا. حتى أصبحنا ما نحنُ عليه. مستائين، و وجوهنا لم تعد بريئة، نخاف من أن نُحِب، أو نُحَب. و كراهيتنا لأنفسنا تمنعنا من كل شيء.. حتى الحياة تقريباً.


هناك تعليق واحد: