الاثنين، 27 أكتوبر 2014

كنت سأنتحر.

استيقظتُ اليوم برغبة ملحّة في الإنتحار.. كان الصباح يوحي بأنه يومٌ جيّد للموت فيه. و التخلص من كل المشاعر السلبية التي تتملَّكُني، فأنا لستُ أنا دونها. انا ضئيلٌ جداً دون الأشخاص الذين لم أعرفهم بعد، دون الأماكن التي أنوي زيارتها، و دون القُبلات التي ستنهالُ عليّ يوماً ما. 
انا ذلك الشيء الذي يحاول ان يفهم كل شيء، الشيء الذي تعبَ من كل شيء، الشيء الذي لم يكن شيئاً أبداً. لم يكن اسماً. لم يكن ذا معناً ولا قيمة.
انا الفتى الغاضب دوماً، الفوضوي، اللامبالي، و الوقح، انا المبتذل، الضائع بين نصوصه الرديئة. و جبال الكتب التي تملأ غرفته. 
انا غريب الأطوار، الذي لم يجد طريقة يتعايش بها مع البشر من حوله حتى الآن. لم يجد طريقة يتعامل بها مع عالمكم هذا.
عالمكم المتناقض، نحنُ هنا لا نملك المال الكافي لإطعام الفقراء. لكنّا نملك أسلحة تكفي لقتلهم جميعاً.
*مرحباً بكم في العالم.* 
عالم الرأسماليين الجشعين.
و الرجال الذين يعبدون رجالاً مثلهم، يتّبعون قوانينهم، و يجعلون لهم ما هم ليس أهله، من تكوين لنظام يسيّر طريقة حياة البشر. و سنٍّ للقوانين و الدساتير و الأنظمة عموماً.
اما ما كان يمنعني من الانتحار، فهم الأشخاص الذين أعني لهم شيئاً ما، الأشخاص الذين يعتبرون وجودي اكثر من مجرّد روتين و عادة.
الأشخاص الذين كنت أؤثّر في حياتهم بصورة ما، حتى و لو بهطرقاتي، بكتاباتي، أو بوجودي هكذا فقط. دون جدوى.
و كل مرّة كنت أقفُ فيها بين يدي الجميلة، مُنطرباً.. أتمايل.. و هي تعزِف بحديثها لحناً شرقياً.. كان الكون يتقلّص في عينيّ اكثر، و كنت ادرك قدره الله و بديع خلقه. في ابتسامتها، و تعرجات جسدها، التي تكفي لتتمايل طوال الليل.. حتى ينفذ النبيذ، و تفنى الموسيقى، و ينتهي السهر.
و كنت أنا أُصارع نفسي ألا تنفضّ عليها احتضاناً امام مرأى من الناس. و كانت هي جيدة التمثيل في إقناعي بأن وجودي و غيابي لا يعني اي شيء أبداً، و انا كُنت جيداً في إظهار قلقي.
انا كنت سأنتحر.. لولا السمراء و عالمكم الذي لن افهمه قط.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق