خيّم ذات يوم سكونٌ رهيب..
هبّ نسيمٌ من الشمال،
يجرُّ الغيم نحو الصحراء..
غيمة.. غيمة.
و بينما كنّا على الأرض
مستويين
نُقاتل الملل ..
و نمارس لعبة الموت
بلا كلل.
أظلّتنا غيمة.
كانت الغيمة
تحمل أنباء من الشمال
تخبرنا عن الوطن..
بها وصايا الأمهات للأبناء
بين شوق و قلق .
حديثُ الآباء
فخرٌ و شرف.
رسائل الحبيبات الحانيات،
إنتظار و صبر.
و نكات الأصدقاء..
الوقحة.
اتت الغيمة
لتخبرنا
عن الغياب،
عن عبق رحيلنا في الأمكنة
عن بقايانا..
تلك التي لا زالت على :
كرسيّ المشرب
طاولة المقهى
أرصفة الشوارع
بين الأزقة
و في أفواه المرهقين
المتعبين
السكارى
الحائرين
على هيئة عبارات،
كلمات.. و وزن.
و أنت..
متكيءٌ هُناك..
تغزِلُ بعقلك،
نسيجاً يضمّك..
أنت..
و آلاف الشتائم
مئات السجائر
عشرات الكؤوس
و سرٌّ وحيد.
مؤكد
أنك ستموت به.
قالت الغيمة:
أيُّها الوغد.. لن تموت.
ستعود من الحرب..
يوماً ماً..
و يؤسفني جداً أن تعود..
لم افهم ما كانت تقصده يومها.
لكنّي اليوم عدتُ يا غيمة
عدت و لم أجد أحداً،
قال الجيرانُ أن الغادر قصف داري.
رحل الجميع.
رحلت أمي..
و هي التي لطالما تدرّبت،
على أطول "زغرودة"
كانت ستصدح في حنجرة امرأة!
"عند عودتي" .
رحل أبي..
و هو الذي لطالما أخرج بذلته العسكرية
كل يوم صباحاً
و قام بكيّها..
كان أبي
يحرق كمّ البذلة متعمّداً كل يوم،
معللاً لنفسه
غيابه عن العمل اليوم ذاك اليوم.
ابي المتقاعد منذ 20 عاماً.
رحلت حبيبتي..
و هي التي لطالما كانت تمازحني،
تقول
مقدرٌ ليك أن تهيم في الأقاصي.
انت يا حبيبي..
كنهرٍ شحيح.
أو كفتىً في البادية
أحبّ فتاة ما
حدّ الجنون.
ثمّ تزوجها ابن عمّها .
و صدقت.
رحل الجميع،
انتهى كل شي!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق