الجمعة، 22 مايو 2015

رحل الجميع.. انتهى كل شيء.

خيّم ذات يوم سكونٌ رهيب.. 
هبّ نسيمٌ من الشمال،
يجرُّ الغيم نحو الصحراء..

غيمة.. غيمة.

و بينما كنّا على الأرض
مستويين
نُقاتل الملل .. 
و نمارس لعبة الموت
بلا كلل.

أظلّتنا غيمة.

كانت الغيمة
تحمل أنباء من الشمال
تخبرنا عن الوطن..

بها وصايا الأمهات للأبناء
بين شوق و قلق .
حديثُ الآباء
فخرٌ و شرف.
رسائل الحبيبات الحانيات،
إنتظار و صبر.
و نكات الأصدقاء..
 الوقحة.

اتت الغيمة
لتخبرنا
عن الغياب،
عن عبق رحيلنا في الأمكنة

عن بقايانا.. 
تلك التي لا زالت على :
كرسيّ المشرب
طاولة المقهى
أرصفة الشوارع
بين الأزقة
و في أفواه المرهقين
المتعبين
السكارى
الحائرين
على هيئة عبارات،
كلمات.. و وزن.

و أنت..
متكيءٌ هُناك..
تغزِلُ بعقلك،
نسيجاً يضمّك..
أنت.. 
و آلاف الشتائم
مئات السجائر
عشرات الكؤوس
و سرٌّ وحيد.

مؤكد
أنك ستموت به.

قالت الغيمة:
أيُّها الوغد.. لن تموت.
ستعود من الحرب..
يوماً ماً..
و يؤسفني جداً أن تعود..

لم افهم ما كانت تقصده يومها.

لكنّي اليوم عدتُ يا غيمة 
عدت و لم أجد أحداً،

قال الجيرانُ أن الغادر قصف داري.
رحل الجميع.

رحلت أمي..
و هي التي لطالما تدرّبت،
على أطول "زغرودة"
كانت ستصدح في حنجرة امرأة!
"عند عودتي" .

رحل أبي..
و هو الذي لطالما أخرج بذلته العسكرية
كل يوم صباحاً
و قام بكيّها..

كان أبي 
يحرق كمّ البذلة متعمّداً كل يوم،
معللاً لنفسه 
غيابه عن العمل اليوم ذاك اليوم.

ابي المتقاعد منذ 20 عاماً.

رحلت حبيبتي..
و هي التي لطالما كانت تمازحني،
تقول
مقدرٌ ليك أن تهيم في الأقاصي.
انت يا حبيبي..
كنهرٍ شحيح.
أو كفتىً في البادية
أحبّ فتاة ما
حدّ الجنون.
ثمّ تزوجها ابن عمّها .

و صدقت.

رحل الجميع،
انتهى كل شي! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق