الاثنين، 13 يونيو 2016

ما قبل البداية.

اكتب نصوصاً كثيرة.. لشخص لا يستطيع قرائتها. 
اكتب رسائل و قصص.. لشخصية خيالية، أو بالأحرى حقيقية.. لكن في عالم آخر. في لغة أخرى.. في شيء لا يشبه الشيء الذي أعيش بداخله الآن..
أكتب.. بطريقة، أظنك لا تفهمها. لكن رغماً عن ذلك أكتب..
هذا ما كنت أُجيده..  
أكتب.. كما لو أنني آخر رجل على سطح الأرض. يكتب.. ليترك أثراً ما.. على أن أحد ما. عاش وحيداً يوماً ما.. هُنَا. و لم يجد لنفسه خلاصاً.. سوى أن يكتب. 

الى الصديقة التي كلما ابتسمت.. تفتّحت وردة، أضاء نجمٌ أو تشكّل من العدم معناً جديد.
الى الآنسة التي لم تجد لقلبها شبيهاً بعد، ككل الأشياء الثمينة في هذا العالم. و التي لم تُصنع منها سوى قطعة واحدة فقط.  
الى الرفيقة التي أعارت رفاقها كل خُطواتها، و ظلّت واقفة. واقفة في السوق تبيعُ ما تبقى منها لتشتري لهم مزيداً من الخطوات.

أما بعد،

الطريق طويل، و أرواحنا بدأت تتآكل من وحشته. أجسادنا لم تعد تسعنا. أظننا كبرنا أكثر مما يجب.. تألمنا أكثر مما يجب، و أثقلتنا الهموم التي تعمَّقت بداخلنا أكثر مما ينبغي.
أصبحنا لا نعرفنا، و بين الزحام لا أحد يميّزنا.
جحيمٌ و جنة. نعيمٌ و عذاب. فرحٌ و ترح. جبالُ أحزان.. و أطنانُ فرح. كلها بداخلنا..
لكنّ البؤس أعمانا. حجب الرؤية عنا. و لم يدع في الروح نافذة نطَّل بها على الجانب الآخر منّا.
الطرف المُزهر، الماطر، المقمر و المضيء كليلة التمام. ذاك الذي لم نعلم بوجوده الا بعد عشر كؤوس، مئة فكرة، و ألف أغنية. 

رغماً عن كل هذه المثالية.. عشرات الأفكار الإيجابية ارتطمت بعائق السوداوية مجدداً. لكن لا بأس.. 
فأنا منذ الأزل يا رفاق.. كنت أتحدَّث، عن أن الطريق مظلم، كقبور الذين حاولوا السير فيه قبلنا..
الذين نفذت خطواتهم، و الذين مات الأمل فيهم.. و قتلهم. الذين لم يسعهم مشرع الأمل الفسيح. و كانت أحلامهم بمثابة الضريح. ثم انتهى بهم الأمر.. من الطيران، الى الموت أثناء المحاولة للتنفّس عبر الثقب.

أنا من علمتني الحياة.. أن الجفاف يعني اقتراب المطر.. و أن الفرح يولد من رحم الحزن العميق. و بداية الطريق نحو السعادة.. شخص. يعلّمك كيف تمشي. كيف لا تخاف. كيف تزرع الحب في قلوب الناس و تمضي.. لا تنتظر الحصاد. شخص يعلّمك كيف لا تتألّم. كيف تتعلّم. و كيف تربّي أحلامك لتكبر معك.
شخص يعطي للأشياء معناً آخر، بُعداً آخر، و مذاقاً مختلفاً. شخصٌ تكتشف العالم عبره.. و ترى معه كل شيء كما لو أنك رأيته أول مرة. بدهشة حضوره و طفوليتك عند وجوده.. كان للكون تعريف جديد للمعنى السامي و المعروف باسم السعادة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق